[1] الأوّل: أنّ لفظ الحاکم أعم من القاضی فإنّه یشمل کلّ متصدّی الحکومة من الأمیر و السلطان، فلا اختصاص له بالقاضی. و یستشهد لذلک ذکر السلطان فی السؤال؛ فإنّه قرینة على إرادة الأعم. و لکن یشکل الالتزام بشمول لفظ الحاکم لغیر القاضی؛ نظراً إلى ظهوره فی اصطلاح النصوص فی القاضی لغلبة الاستعمال فیه، و لا سیّما بقرینة المقام و لا ینافیه کون لفظ الحکم فی الأعم من القضاء. و أمّا ذکر السلطان فلا یفید التعمیم بعد کون موضوع السؤال و الجواب التحاکم و التخاصم.

[2] الثانی: عموم التعلیل؛ حیث إنّ قوله‌ فإنّی قد جعلته علیکم حاکماً‌ فی قوّة التعلیل، أی تعلیل وجوب الرجوع إلیه بجعله حاکماً. و علیه فمقتضى عموم التعلیل وجوب الرجوع إلیه فی کل ما یحتاج إلى الحکم و یؤکّد هذا العموم إطلاق قوله (علیه السّلام) فإذا حکم بحکمنا .. ؛ نظراً إلى شموله لمطلق الحکم الصادر منه المطابق لحکم أهل البیت (علیهم السّلام).

[3] و بهذا التقریب یتم ولایة الفقیه الناظر فی حلالهم و حرامهم العارف بأحکامهم على الحکم فی جمیع ما یحتاج إثباته أو إنفاذه أو إجراؤه إلى إنشاء الحکم. و لا یتوقف هذا التقریب على ظهور لفظ الحاکم عند الإطلاق فی الأعم من القاضی بل‌ دلیل تحریر الوسیلة - ولایة الفقیه، ص: 87‌ إنّما یتوقف على عموم التعلیل المثبت لنفوذ حکمه مطلقاً.

[4] الثالث: أنّ مشروعیة القضاء تستتبع مشروعیة سائر شؤون الحکومة بالفحوى؛ لما فی القضاء من التعرّض و التدخّل فی النفوس و الأعراض و الدماء و الفروج. و هذا التقریب أیضاً تامٌّ.

[5] ولایة الفقیه (للسید مصطفى الخمینی)، ص: 32‌

[6] فبالجملة: الأخبار المشتملة على ترغیب الشرع فی المقاومة السلبیة فی قبال الحکومة الجائرة، مقبولة إذا کان هذا التقادم تحت رایة الحاکم الشرعی و النظام العقلائی؛ حتّى یورث فشل السلطة و سقوط الحکومة، کما قد اتّفق کثیراً. و أمّا إذا کان التقادم انفرادیّاً و الاعتزال عن الجائرین لعنهم اللّه تعالى شخصیّاً، فهو مضافاً إلى عدم استلزامه لما هو المقصود، ربّما یؤدّی إلى الإخلال بالنظام المستتبع للهرج و المرج، بل ربّما یؤدّی إلى مَیْل آحاد البشر إلى الإلحاد، فإنّه لا بدّ على کلّ دیانة حقّة من مراعاة حقوق البشر فی هذه النشأة؛ حتّى لا یذهب الناس إلى الباطل، و لا ینزجرون عن الإسلام و المسلمین.

[7] و أمّا دلالتها على ولایة الفقیه بالمعنى المقصود، و هو نفوذ تصرّفاته عند عدم الأولیاء الخاصّة، کالآباء و الأجداد و الأوصیاء فی مطلق الأُمور، أو دلالتها على ولایة الفقیه تحت عنوان جواز تصدّیه للحکومة الإسلامیة، و تشکیل الحکومات الجزئیة و الکلّیة، فهو عندی غیر واضح. اللّهمّ إلّا أن یقال: إذا فرضنا أنّ تکلیف الأُمّة هی المراجعة فی الاختلافات التی مرجعها القضاة، و فی الاختلافات التی مرجعها الحکّام إلى الفقهاء العدول، کما هو الظاهر من الروایة فإنّها کالنصّ فی أنّ ما‌ولایة الفقیه (للسید مصطفى الخمینی)، ص: 34‌ هو یتصدّى له السلطان أو القاضی، یتصدّى له الفقیه، و لکنّه بنحو الحَکَم الشخصی من قِبَل المتخاصمین، لا بنحو الحاکم الکلّی المفوَّض إلیه الأُمور، و فرضنا أنّ فی بلدة کذا یرجعون إلیهم فی کلّ یوم آلاف الأنفار، و فرضنا أنّ قبول ذلک واجب علیهم، فلا یُعقل إدارة هذه المراجعات تحت النظام، إلّا بتشکیل الحکومة، فإنّه عند ذلک تجب ذلک؛ لتوقّف أداء الوظیفة علیه بالضرورة.